عندما يقصي السبسي المجلس الذي لم يقصيه

Imprimer
Publié le Dimanche 25 Janvier 2015 à 10:18
جاءت إذن تركيبة حكومة السيد الحبيب الصيد بعد مخاض عسير. تركيبة تجمعية تكنوقراطية استئصالية بامتياز، لا تختلف في شيء عن حكومات بن علي. تركيبة ضمت أسماء غير معروفة وغير سياسية، مسقطة على قطاعتها، وزراء الخارجية والسياحة والرياضة والصحة الجدد مثالا، لا يمتلك أغلب وجوها; سيرا ذاتية أو كفاءات استثنائية، جاء أغلبها من الإدارة التونسية التي كان من المفترض أن تعمل الحكومة الجديدة على إصلاحها

أبرز الرسائل التي بعث بها مهندسو هذه الحكومة، قطعا من جماعة القصر، هي الآتية

حكومة إدارية شكلية تبقي مركز القرار الفعلي في القصر، تماما كما كان الحال في نظام بن علي، في خرق صارخ لنص الدستور الجديد الذي يقيم نظاما مختلطا يعطي أهم السلطات للحكومة ورئيسها المنبثقة من البرلمان المنتخب

حكومة غير موسعة بل لا تحظى ظاهريا بالأغلبية في البرلمان الجديد (109 نائب) بما أن حزبي النداء والوطني الحر لهما 102 نائبا فقط في البرلمان المنتخب، في إشارة واضحة لتهميش
البرلمان تماما كما كان الحال في برلمانات بن علي الصورية الديكورية المنصبة. أولم يقل لكم السبسي منذ 2011 أنه يحكم وحده ولا يشاركه أحد في أخذ القرار حتى ولو كان سلطة أومؤسسة دستورية . عوض حكومة وحدة وطنية، كانت إذن حكومة وحدة تجمعية يسارية استئصالية، في رسالة واضحة للرأي العام الداخلي والخارجي

أما أهم رسالة في تقديري فهي إقصاء واضح لكل من كان في المجلس التأسيسي الذي لم يقصي التجمع، من الترويكا كان أو من المعارضة (الجبهة، الجمهوري، التحالف، المسار، آفاق) بل حتى ; من حزب المبادرة لكمال مرجان أي التجمعيين الذين اعتذروا من الشعب وقبلوا باللعبة الديمقراطية ومبادئ الثورة ووقع انتخابهم في التأسيسي. هذا الإقصاء ضم في الأخير نواب
النداء في التأسيسي قسيلة والقطي رغم أنهما كانا مع سمير بالطيب من نجوم اعتصام الخصه أو الروز بالفاكهة. أي أن فيتو السبسي لدخول الحكومة لم يكن في حقيقة الأمر لنواب حزبه في البرلمان الجديد، العايدي وسلمى الرقيق ولزهر العكرمي مثالا، بل لنواب حزبه في المجلس التأسيسي، قسيلة والقطي مثالا، اللذان لم يغفر لهما في الأخير دخول المجلس التأسيسي مع التكتل والمؤتمر

الرسالة واضحة إذن من السبسي ومستشاره الأول، صاحب المجلس الموازي، \"للإخوان كما للرفاق\"، إقصاء كل من انتمى للمجلس التأسيسي الذي وضع دستورا ديمقراطيا يؤسس حقيقة لدولة
القانون والمؤسسات، من اليمين كانوا أو من اليسار... من الخصوم أو من الأصدقاء... في انتظار الرجوع والردة على هذا الدستور.. كأن التاريخ يعيد نفسه... لا تنسوا! بن علي تحالف مع اليسارالاستئصالي الانتهازي وأدخله التجمع و\"خدم به\" لضرب الإسلاميين ثم ضربه في مرحلة ثانية وأقصى كل من تجرأ على نقده خميس قسيلة، خميس الشماري والمرحوم محمد الشرفي مثالا. حكمة التاريخ إذن : التجمع يقصي من لا يقصيه

حكومة ضمت من جهة أخرى وجوها متعلقة بها قضايا فساد حاليا، في رسالة واضحة للرأي العام أن قضايا مقاومة الفساد، إصلاح القضاء، إقامة العدل والعدالة الانتقالية ستكون في آخ
ر اهتمامات السلطة التنفيذية الجديدة

حكومة لا تمثيلية جهوية عادلة لها، تماما كحكومات بن علي تعطي القسط الأكبر للجهات التي حكمت البلاد منذ الاستقلال، في عقاب واضح من الحكام الجدد لكل الجهات المهمشة في الج
نوب أو الوسط التي لم تنتخبهم. أقول هذا وأنا من متساكني العاصمة وأبعد ما يكون عن الجهوية المقيتة

الآن سؤال الساعة : ماذا سيكون موقف حركة النهضة؟ هل ستمر هذه الحكومة بدعمها؟ هل ستدعم النهضة حكومة الصيد بهذه التركيبة وهذه الوجوه وهذه المواصفات بدعوة المصلحة العليا
للوطن؟ هل ستدعم حكومة على نقيض حكومة الوحدة الوطنية التي دافعت عنها منذ استقالة حكومة علي العريض؟ هل ستقبل الابتزاز وترضخ للضغوطات الداخلية والخارجية مجددا بدعوى أ ن وزير الداخلية الجديد هو ولد عم جار لطفي بن جدو؟ هل ستواصل "التكتيك" يا شيخ حتى تفتح السجون مجددا للإسلاميين أولا ثم لكل الديمقراطيين لاحقا؟

مواطن تونسي حر


Soyez des journalistes citoyens
Cette rubrique est aussi la vôtre. Si vous souhaitez exprimer vos coups de cœur, coups de gueule ou revenir sur n’importe quel sujet qui vous tient à cœur, un événement qui vous interpelle, vous pouvez le faire en nous faisant parvenir vos écrits en cliquant  ici.
GlobalNet se fera un plaisir de les publier, avec ou sans la signature de leurs auteurs. Vous avez tout à fait le droit de garder l’anonymat ou de signer avec un pseudo.


 

Commentaires 

 
+5 #3 أكبر معجزة
Ecrit par Fethi     29-01-2015 18:15
حكومة "الموازي" و"المرسى" و"القذافي" التي ولدت ميتة... لها الشرف أنها حققت أكبر معجزة في التاريخ السياسي المعاصر لبلادنا... توحيد النهضة والمؤتمر والتيار والجبهة الشعبية وحركة الشعب واليمين الليبرالي والدساترة... على رفضها...
 
 
+4 #2 sebsi out
Ecrit par tunisien anti RCD     29-01-2015 14:18
أكبر حليف تاريخي لنظام الفساد والاستبداد هي الصراعات الإيديولوجية الفارغة
 
 
+5 #1 في مصر كما في تونس
Ecrit par slim     25-01-2015 15:45
اليوم كما في الأمس... في مصر كما في تونس... يبدأ نظام الفساد والاستبداد بالتحالف مع اليسار الاستئصالي لضرب الإسلاميين... ثم ما إن يفرغ من الإسلاميين تحت تصفيق اليسار الاستئصالي حتى يدور على حليف الأمس ويريه مما رآه الإسلاميون... نظام الفساد والاستبداد لا يستعدي الإخوان أو الإسلام السياسي... نظام الفساد والاستبداد يستعدي كل نفس حر وكل معارضة حقيقية... أقولها ألف مرة وأمضي... أكبر حليف تاريخي لنظام الفساد والاستبداد هي الصراعات الإيديولوجية الفارغة التي تربت عليها نخبتنا فشابت عليها...
 
Ces commentaires n'engagent que leurs auteurs, la rédaction n'en est, en aucun cas, responsable du contenu.