أليس فيكم أو منكم أو معكم رجل رشيد ؟ |
Publié le Dimanche 11 Décembre 2011 à 16:00 |
يقول الشيخ محمّد متولي الشعراوي : " الثّائر الحقّ هو من يثور لهدم الفساد ثمّ يهدأ ليبني الأمجاد". ليتنا كتونسيين جميعًا ند رك المعنى العميق لهذه الحكمة الرّائعة حتّى و إن كان الوعاء الذي خرجت منه لا يمثّل مرجعا للبعض منّا. تبدأ الثورات بعملية هدم و تقويض لأسس الحكم الفاسد و تتميّز هذه المرحلة بحالة من عدم الاستقرار و إتلافٍ للنظريات و المرجعيّات السّائدة ثمّ تمرّ إلى مرحلة البناء و التشييد و هي مرحلة قد تطول و تقصر ـ تمامًا كسابقتهاـ حسب الموقف و حجم الدّم الفساد و الاستبداد و حسب قدرة المجتمع المدنيّ على تصوّر و وضع نموذج للانتقال من الظّلمات إلى النّور. لا أدري لماذا منذ قرأتها و أنا أقاوم فكرة مقارنتها بمفهوم الفوضى الخلاقة بالرّغم من أنّي مدركٌ تمام الإدراك أنّ الشّبه كبير بينهما. غير أنّ الفوضى سيئة الذكر لا يمكن أن تمرّ دون أن تذكّرنا بغرّابة مشروع الفوضى في ما يحلو لها أن تسمّيه " الشّرق الأوسط الكبير" ـ هكذا بوقاحة نادرة أطلّت علينا حمّالة الحطب السيّدة كوندوليزا رايس (كوندي كما يحلو لجورج بوش المطارد أن يسميها) و اختزلت تاريخ; و جغرافيا شعوب و أعراق و ثقافات في كلمة حفظتها ذات يوم على مدارج ستانفورد. أصبحت شعوب المنطقة مخبرا مفتوحا لإثبات نظرية الفوضى الخلاقة و جُلبت الدبابات و الصواريخ و ا ;لملالي لإثبات بعد نظر كوندي غير أننا لم نر إلى اليوم غير الفوضى في منطقة هي أساسا كتلة من لهب. أمّا الخلق و الإبداع فلا نكاد نرى لهما أثرا.
لقد استحضرت الحالة المزرية و الظلاميّة للعراق "الجديد" و ما آلت إليه حضارة الرّافدين تحت أقدام مارينز " الفوضى الخلاقة " و أنا أشقّ الصّفوف يوم السبت الماضي أمام المجلس التأسيسي حيث تجمهرت طائفة من التونسيين أهمّتهم أنفسهم فخرجوا وحدانا و زرافات يحملون اللافتات و الأعلام حتّى لأنّك تظنّه يوم الزينة و قد حُشر النّاس ضحى. لم يكن من فهم أسباب خروج هؤلاء و أولئك فقد تكفّل كلّ فوج بإشباع الآخر سبّا و شتما مستعملا أقذع النّعوت و أشنعها و فهمنا مع الوقت أنّ فريقا جاء يدافع عن أغلبيته الشرعيّة و يساند;ن اختارهم لقيادة هذه المرحلة من تاريخ البلد بعد أن اشتدّت عليهم الحملات المناوئة من كلّ حدب و صوب. جاؤوا يقولون \"ارفعوا وصايتكم عن أصواتنا و دعوا النّاس يعملون ثمّ لنحك; عليهم\" و رأينا في المقابل فريقا آخرَ يصفونه بالصِّفري بينما ينسب هو نفسه للسّلف الغربي الصّالح و يرى أنّ عليه أن يرابط في الشوارع و أن يعطّل مؤسسات البلد و دواليب الاق يصرخ على قمم الجبال بأعلى صوته معارضته لهؤلاء الذين تسلّلوا لواذا إلى قلوب النّاس و احتلّوا منها مكانتهم التي احتلّوا. أصوات تصرخ يمينا و شمالا لم يكن يقطعها م ن حينٍ لآخر إلّا صفّارات رجال الأمن حين التقى الجمعان على قارعة الطّريق كلّ فريق يحذر الآخر و يتربّص به الدّوائر. كدت أنسى وسط الزّحام أنّي ما أتيت لرؤية هذا المشهد المثير لتونس "الجديدة" و إنّما خرجت من بيتي سراعًا لأزور فريقا ثالثا من أبناء الحوض المنجمي أناخوا مطاياهم ببوّابة با ردو يحملون همومًا و مطالب أعترف أنّي لم أكن متعاطفًا معها و ما كان خروجي إلّا للاستفسار عنها و قطع الشكّ باليقين و من ثمّ اتّخاذ موقفي الشخصي منها. و لكن أنّى لي ذلك و قد ح;بتهم عنّي جلبة الفريقين و ذاب بعضهم مع هؤلاء و بعضهم الآخر في الصفّ المقابل. و تهتُ في قلبي لحظة شرودٍ أبحث في أمر البلد و أستحضر ما كان حال النّاس إبّان الثّورة و ما أصبحو ;ا عليه اليوم من جحود و نكران و آلمني اصطفاف بني بلدي في معسكرين متناحرين و ما لبث أن داهمتني صور من العراق و أخرى من بيروت و حمدت اللّه أنّنا لم نكن يوما طوائف و طرائق و ليس; لنا أئمّة يشدّ بعضنا الرّحال إلى قبورهم بينما يتكفّل الآخر بنسفها و نسف أرواح الأبرياء معها. باغتني فجأة تكبير و تهليل من ورائي فظننت أن قد فتح الله علينا بنصرٍ مبين أو فتحٍ طال انتظاره. التفتّ ورائي فإذا جموع هادرة مزمجرة يتطاير الشّرر من أعينها تتّجه صوب الشّم ;ال حيث اصطفّ \" بنو علمان\" كما حلا لهم أن يسمّوهم و ارتفع التكبير ففتحت عيني لعلّي أعثر على أحد كفّار قريش مندسّا في الصفّ الشماليّ أو أحد الأئمّة المجاهدين يقود إخوانه إل ى معركة النّصر الأخيرة. و لكنّي والله ما رأيت شيئا من هذا و لا ذاك. اتّخذت مكانا قصيّا من الفرق الأربعة التي تعالى إرعادها و إزبادها و رحت أجول بنظري . توقّف بصري عند عجوز تر ;تدي أطمارا بالية تجمع فتات الأكل من على قارعة الطّريق لعلّها تسدّ بها رمقها. تقدّمت نحوها و لاطفتها مازحا " أمن أصحاب اليمين أنتِ أم من أصحاب الشّمال يا أمّاه؟" رفعت بصره ا نحوي و قالت و كأنّها تلومني " أليس فيكم أو منكم أو معكم رجل رشيد ؟ Soyez des journalistes citoyens Cette rubrique est aussi la vôtre. Si vous souhaitez exprimer vos coups de cœur, coups de gueule ou revenir sur n’importe quel sujet qui vous tient à cœur, un événement qui vous interpelle, vous pouvez le faire en nous faisant parvenir vos écrits en cliquant ici. GlobalNet se fera un plaisir de les publier, avec ou sans la signature de leurs auteurs. Vous avez tout à fait le droit de garder l’anonymat ou de signer avec un pseudo. |
Commentaires
Ecrit par Tunisian abroad 13-03-2012 12:50
Thanks from the UK
Ecrit par Tunisienne 12-12-2011 16:12
Ecrit par RosejazBT 12-12-2011 09:28
EXCUSEZ-NOUS CHERE MADAME, VOUS AVAIT PARFAITEMENT RAISON.
Ecrit par ABOU AMMAR 12-12-2011 08:37