"La méprise démocratique tunisienne", de Bourguiba Ben Rejeb

Imprimer
Publié le Mardi 03 Avril 2018 à 12:11
"La méprise démocratique tunisienne" est un essai de Bourguiba Ben Rejeb, sorti récemment en librairie. Professeur de l’enseignement supérieur, et ancien collaborateur de plusieurs journaux : Le Maghreb, Réalités, Le Temps, le Phare, connu depuis toujours pour sa plume acérée, l’auteur procède à une lecture critique de l’expérience postrévolutionnaire, où les égocentrismes ont prévalu, sur la volonté collective de relever le défi et d’amorcer un projet de développement. Préface et communiqué de presse en arabe présentant ce nouvel ouvrage : 

"La révolution du 14 Janvier a certainement modifié le cours de l'histoire tunisienne. Le retour de la liberté revendiquée, ensuite assumée, a projeté le citoyen dans l'avenir comme promesse de bonheur retrouvé. Toutefois, très rapidement, il est apparu que de fortes pressions, internes surtout, s'exerçaient pour organiser "le cercle des représailles" du retour du passé et des règlements de comptes qui n'avaient  rien à voir avec un projet de développement. Les forces de réaction ont préféré réussir les rattrapages sur l'Histoire, l'histoire propre de certains individus en fait, à la conversion en jeu gagnant le geste populaire. Dans un match de foot, on dit qu'on ne joue pas collectif. Il y a  méprise, surtout quand l'arbitre étatique a avalé son sifflet.

Cet essai pour tenter d'y voir plus clair".

"سوء الفهم الدّيمقراطي التونسي  لبورقيبة بن رجب  :" نظرة نقديّة لتجربة مشوّهة

صدر مؤخّرا، للأستاذ بورقيبة بن رجب، كتاب قام فيه بقراءة نقديّة للتّجربة السّياسيّة الّتي عاشها التّونسيّون إبّان الثّورة، و الّتي كانت في بدايتها محمّلة بالآمال و الأحلام والتّوق إلى إرساء نظام جديد قائم على التّنمية و لعدالة وحريّة التّعبير غير أنّ ما حدث في الواقع مثّل خيبة أمل في أفق انتظار التونسيّين الّذين صُدموا بما آلت إليه التّجربة الدّيمقراطيّة التّونسيّة بعد سنوات قليلة من الثّورة .

و في هذا السّياق قام بورقيبة بن رجب بتقييم ما آلت إليه الأوضاع في البلاد دون تقديم تنازلات أو الوقوف مع طرف دون آخر، حيث بيّن أنّ ما يقع اليوم في تونس يعكس آثار أنانيّة مرَضيّة لأطراف سياسيّة منشغلة بتصفية الحسابات على حساب رفع التحديّات والخروج بالبلاد من المآزق من خلال التّخطيط لإصلاحات عميقة و إنجازات تنمويّة تُعيد إلى التّونسيّين الأمل في حياة كريمة .

إنّ الفكرة الّتي اقترحها بورقيبة بن رجب في كتابه هي وضع بعض الأحداث و التطوّرات الرّئيسيّة مع العديد من السّياسيّين البارزين و الشّخصيات المعروفة في زخم الثّورة و ديناميكيّتها ، حيث بيّن أنّه كان بالإمكان تحقيق العديد من المكاسب و رفع الكثير من التحديّات في الواقع بإحداث تغيير فعليّ في جميع مؤسّسات الدّولة ، إضافة إلى تحقيق بعض الضّمانات كحريّة التّفكير و العمل .

لكنّ القوّة الدّافعة للدّيمقراطيّة قد انحرفت عن مسارها نتيجة لتصرّفات البعض من كبار السّياسيّين الّذين حاولوا تحقيق مكاسب شخصيّة و ذلك بتغليب المصلحة الخاصّة، متناسين بذلك البعد الثّاني للثّورة و هو تحقيق المطالب الشّعبيّة المتمثّلة في التّنمية الاقتصاديّة العادلة.

إنّ إرساء الدّيمقراطيّة قد قام بتسوية المشهد السّياسي من جهة و مكّن من يريد استرجاع تاريخه من الاهتمام باسترداد "الأموال المنهوبة" في عهد الاستبداد من جهة ثانية. في ذلك الوقت، كانت كلّ الرّغبات متّجهة نحو الأمّة بأسرها، فكان كلّ الجدال قائما على ضرورة تحقيق التّنمية و ذلك بتسوية الاحباطات الاقتصاديّة المرتبطة بتخلّف النّمو في بعض مناطق البلاد.

لقد خصّص بورقيبة بن رجب في كتابه قسما عنونه بـ" الدوّامة الدّيماغوجيّة" حيث تحدّث فيه عن تلاشي الحسّ الوطني وإنكاره من قبل الشباب مباشرة بعد الانتخابات ، حيث ابتعد هؤلاء عن الشّأن السّياسي الّذي مثّلته طبقة سياسيّة متخلّية عن الثّوابت و بعيدة كلّ البعد عن حقيقة الواقع الميداني .

لم يفلت أحد تقريبا من توجيه أصابع الاتّهام له ، لا الّذين استعملوا الدّين لاستمالة الشّعب و لا اليساريّين الّذين أصابتهم "حالة من الصّرع"  (المصطلح للكاتب) في وقت ما ، فالكلّ يتحمّل المسؤوليّة كاملة . فقد كان بالإمكان استغلال مواجهة خطر الإرهاب الّذي ضرب بقوّة في البلاد لإعادة التّركيز على المسائل الجوهريّة لتجاوز الأزمة ، لكن ما حدث هو العكس تماما ، حيث ساهمت الاغتيالات السّياسيّة المستهدفة في تعزيز أجواء من الرّيبة و عدم الثّقة ، وهو ما توضّح في العديد من النّقاشات الإعلاميّة الّتي تحوّلت إلى نشاط سياسي يومي و دليل موثّق للتّصريحات السّياسيّة الشّائكة .

تشدّنا في هذا الكتاب ، عناوينه المنزاحة والممتدّة على مائة و عشرين صفحة نذكر منها : "إزالة الأحكام التّنظيميّة " ، " الاستمالة الدّينيّة" ، " الدوّامة الدّيماغوجيّة " ، "أصحاب نظريّة المؤامرة" ... كما يقوم الكاتب في العديد من الأحيان و بصفة متناوبة بالعودة على أحداث بالغة الأهميّة فيصفها بطريقة نموذجيّة تجعلنا ننظر إلى الوقائع الحاصلة بطريقة مختلفة ، و ننظر إلى ما سيحصل بطريقة استباقيّة ، كأن يحدّثنا مثلا في فصل اختار له عنوان " 3.27" عن النّسبة الضّعيفة التّي وردت في الاستفتاء الأخير حول مشاركة الشباب في الانتخابات القادمة ، وهي نسبة تدلّ على "سوء فهم" و "عدم اهتمام" الشّباب بالدّيمقراطيّة الّتي قامت من أجلها الثّورة ، وذلك يعود إلى حالة الاستياء و خيبة الأمل الّتي أصابت هؤلاء بعد أن تنكّر لهم السّاسة في الانتخابات السّابقة، فقد اهتمّوا بالمناصب وتناسوا مشاكل الشّباب المتمثّلة أساسا في الفقر والبطالة والتّهميش .

إنّ كتاب "سوء الفهم الدّيمقراطي التّونسي" قد وضع اصبعه على أسباب عدم توفّر الحماس الكافي للشّأن السّياسي الحالي من قبل المواطنين ، و لعلّ حالة العزوف الّتي ستشهدها الانتخابات البلديّة القادمة ستكون خير دليل على تخلّي التونسيّين عن ممارسة حقّهم الانتخابي بسبب حالة "سوء الفهم" الّتي عاشها هؤلاء بعد الثّورة ، فقد مثّل ما جاء في هذا الكتاب صفّارة إنذار لما ستؤول إليه الأحداث في المستقبل
.