الأزمة السياسية، الأنموذج التونسي في إهدار الفرص

Imprimer
Publié le Vendredi 06 Septembre 2013 à 15:51
بعد فشل الفاعلين السياسيين في الحكم والمعارضة في الوصول إلى توافقات حقيقية ترسم مسار خروج من تونس من عنق الأزمة التي تعصف بها، أصبح من الممكن الحديث عن "الأنموذج التونسي في إهدار الفرص " ، فرص التقدم بتونس والارتقاء بها.

أول هذه الفرص وأهمها ما قدمه شباب الجهات الداخلية المحرومة وأبناء الأحياء الشعبية و العاطلون عن العمل، الذين أضعفوا أركان النظام السابق بالمظاهرات والاحتجاجات وأجبروا رأسه على مغادرة البلاد.

هذا الانجاز التاريخي وُضع ( في شكل مادة خام) بين أيدي الأحزاب السياسية التي عارضت أكثر من غيرها النظام السابق وتعرضت بطشه وقمعه لتحقيق شعاراته وعناوينه الكبرى أي التشغيل و التنمية والعدالة الاجتماعية ، لكن هذه الفرصة أُهدرت لأنه تم إعادة تشكيل هذه المادة الخام، فأصبحت أولوياتها سياسية على حساب  مضمونها الاقتصادي و الاجتماعي .

اليوم والثورة تكاد تبلغ سنتها الثالثة ازدادت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ترديا ،ومازالت عناوين التنمية والتشغيل والعدالة الاجتماعية تحتل المكانة الرئيسية في شواغل الفئات الاجتماعية الأقل حظا ، بالإضافة إلى الأزمات التي تعرفها أغلب القطاعات الاقتصادية.
 
الفرصة الثانية هي انتخابات المجلس الوطني التأسيسي يوم 23 أكتوبر 2011 التي حوّلتها الأحزاب الفائزة في الانتخابات إلى فترة حكم عادية على حساب المهام التأسيسية ،فركزت على السيطرة على مفاصل الدولة من خلال التعيينات القائمة على الولاء الحزبي ،وقدمت أولوياتها الحزبية خلال تقديم النصوص التأسيسية ، مما خلق حالة تجاذب في المشهد السياسي بلغ حد تقسيم التونسيين على أساس عقائدي.

كان يمكن أن يكون تاريخ 23 أكتوبر 2011 المدخل الحقيقي لبناء الدولة الجديدة و التأسيس لنظام ديمقراطي ، غير إن هذه الفرصة أُهدرت بسبب المصالح الحزبية وعقلية الهيمنة ، مما دفع عديد الفاعلين السياسيين للدعوة لحل المجلس الوطني التأسيسي لأنه أصبح جزء من المشكل.
 
الفرصة الثالثة، هي اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد براهمي ، فبالرغم  من الألم و الجرح الذي أحدثته جريمة الاغتيال ، كان من المفروض أن يعود الفاعلون السياسيون وخاصة من في الحكم الى رشدهم ويقتنعوا أن ادارة البلاد يجب أن تدار بطريقة أخرى لأن عمق الأزمة بلغ حدا خطيرا ، لكن التمسك بالحكم ورفض الإقرار بخطورة الأزمة وتداعياتها ، أجهض كافة مبادرات الحوار الوطني لتبقى الأزمة تعصف بتونس ...

انه الأنموذج التونسي في إهدار الفرص.
نورالدين المباركي، إعلامي



Soyez des journalistes citoyens

Cette rubrique est aussi la vôtre. Si vous souhaitez exprimer vos coups de cœur, coups de gueule ou revenir sur n’importe quel sujet qui vous tient à cœur, un événement qui vous interpelle, vous pouvez le faire en nous faisant parvenir vos écrits en cliquant  ici.
GlobalNet se fera un plaisir de les publier, avec ou sans la signature de leurs auteurs. Vous avez tout à fait le droit de garder l’anonymat ou de signer avec un pseudo.