النهضة و أزمة نداء تونس : مرحلة فك الارتباط بين الدساترة و اليسار في آخر حلقاتها

Imprimer
Publié le Mardi 17 Mars 2015 à 14:38
الموقف العلني لحركة النهضة تجاه أزمة حركة نداء تونس أن الحركة لا تتدخل في الشؤون الداخلية للأحزاب ، و أن وحدتها تهمها .

لكن أيضا أعتقد أنها تراقب هذه الأزمة – عن قرب- وتتابع تفاصيلها و تطوراتها , وربما لها "رغبة" في أن تتطور الأزمة في اتجاه دون الآخر.

عندما نعود إلى خطاب النهضة تجاه نداء تونس نجد انه تحول من اعتبار هذا الحزب " إعادة رسكلة لتجمّع بن علي " (راشد الغنوشي اكتوبر 2012) الى " النداء أخطر من التشدد السلفي" ( راشد الغنوشي اكتوبر 2012) ثم تحول الموقف 180 درجة فأصبح نداء تونس" ليس هو التجمع لان التجمع ينتمي لنظام الحزب الواحد بينما النداء حزب ينتمي للنظام الجديد الذي أرسته الثورة بدستورها الجديد.وابن علي ليس هو الباجي قائد السبسي"( راشد الغنوشي فيفري 2015).

هذه التحولات تمت دون مقدمات ودون مراجعات وكانت مرتبطة أساسا بموازين القوى و بموقف النهضة من إحدى مكونات حركة نداء تونس أي الدساترة ومراجعة الموقف من هذا الطرف أو " الدولة العميقة" التي تعتبر النهضة أنها من أفشلت تجربة حكمها , فبعد أن طرحت قانون تحصين الثورة ( نوفمبر 2012) تراجعت عنه تحت عنوان " المصالحة الوطنية" .

أتصور أن تراجع حركة النهضة عن قانون تحصين الثورة هو بداية عملها لاختراق جبهة المعارضة التي تشكلت ضدها واستمالة الدساترة ," الدساترة رقم مهم في المشهد السياسي" (راشد الغنوشي – اكتوبر 2013).

توجهت حركة النهضة لاستمالة الدساترة دون غيرهم من مكونات نداء تونس لسببين اثنين على الأقل ، الأول هو ثقل هذا الطرف كمّا ونوعا والثاني عزل " اليسار الاستئصالي" من التأثير في المشهد العام أولا وداخل نداء تونس ثانيا.

ساعدت نتائج الانتخابات البرلمانية و الرئاسية حركة النهضة على التقدم في مشروعها هذا , فحصولها على المرتبة الثانية ونحو 70 نائبا جعلها طرفا رئيسيا في المشهد السياسي و أيضا ترتيبات تشكيلة الحكومة وهو ما تجسد في حكومة السيد الحبيب الصيد التي شاركت فيها النهضة بتمثيل لا يتماشى و ثقلها النيابي ، لكن حققت من خلالها مكاسب سياسية أهمها بقاء الجبهة الشعبية في موقع المعارضة و " الانتصار" على "شق" من نداء تونس(الذي يوصف باليساري و الاستئصالي) كان يرفض ان تكون النهضة في الحكم وكسب تأييد الدساترة داخل نداء تونس و خارجه تحت عنوان " الوفاق و المصلحة الوطنية و المصالحة السياسية).

كما دفعت النهضة أكثر في اتجاه " عزل اليسار" داخل مجلس النواب الشعب و الجدل حول رئاسة اللجنة المالية و عملية التصويت كشفت ان النهضة تدفع اكثر في اتجاه عزل اليسار .وفي المقابل كثفت من رمي الورود للدساترة و الاقتراب منهم أكثر ، اذكر هنا حضور السيد راشد الغنوشي جنازة عضو اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي عبد الله العبعاب (فيفري 2015) وما كتبه لطفي زيتون في صحيفة الشروق (24 فيفري2015):" لم تضع الفرصة بعد لو ينهض رجال المدرستين مدرسة التأسيس الأول والتأسيس الثاني .. الدستوريون الوطنيون والاسلاميون الوطنيون للملمة شتات الجماعة الوطنية وتأسيس الكتلة التاريخية الكفيلة بترجمة الالتقاء التاريخي بين الشيخين .. رافعين شعار المصالحة الوطنية الشاملة".

تعتقد حركة النهضة أن جزء من محنتها في بداية التسعينات سببه " اليسار الاستئصالي" المتحالف مع النظام السابق ، وتفسر العراقيل التي تعرضت لها في تجربة حكمها الأولى بالالتقاء بين اليسار الاستئصالي و " الدولة العميقة"، و بالتالي فإن فك الارتباط بين هذين الطرفين هي أولويتها ،وكل تحالفاتها يجب ان تصب في هذا الاتجاه .

هي نجحت ان تضع الجبهة الشعبية في المعارضة بقبولها المشاركة في الحكومة ولم ترفع الفيتو عن مشاركة " رجال النظام السابق" كما فعلت " الشعبية" واقتربت أكثر من الدساترة .

اعتقد ان خطة فك الارتباط هذه هي التي تحدد " الرغبة المبطنة" لحركة النهضة تجاه مآلات الأزمة الداخلية لحزب نداء تونس ، بين طرفي النزاع داخل نداء تونس ابحثوا عن " اليسار الاستئصالي" (كما تراه النهضة) وستجدون النهضة في الجهة المقابلة له.


نورالدين المباركي.

Soyez des journalistes citoyens
Cette rubrique est aussi la vôtre. Si vous souhaitez exprimer vos coups de cœur, coups de gueule ou revenir sur n’importe quel sujet qui vous tient à cœur, un événement qui vous interpelle, vous pouvez le faire en nous faisant parvenir vos écrits en cliquant  ici.
GlobalNet se fera un plaisir de les publier, avec ou sans la signature de leurs auteurs. Vous avez tout à fait le droit de garder l’anonymat ou de signer avec un pseudo.